U3F1ZWV6ZTIxMjI2OTkxNTE5Njg2X0ZyZWUxMzM5MTgyMTc2NjczOA==

التداوي بالأعشاب بين الحقيقة و الوهم

 

التداوي بالأعشاب بين الحقيقة و الوهم

لا طالما كانت الأعشاب الصيدلية اليومية التي اعتمدتها البشرية على مر الأزمنة و العصور، ولا طالما اعتبرت المجتمعات أن الأعشاب دواء لكل داء و لما لهذه الأعشاب من أهمية في معظم الثقافات و المجتمعات على مستوى العالم ،فلا يخلو مجتمع من معتقدات رائجة حول أعشاب معينة تكون العمود الأساسي في التداوي و العلاج من أمراض ومشاكل صحية مختلفة و حتى نفسية ..

غير أنه مع ظهور المختبرات الكيميائية  و انتشارها و ووجود المستشفيات العمومية و الخاصة ووجود أطباء و دكاترة يقدمون النصح و الإرشاد و يصفون وصفات طبية للمرضى معتمدة على أدوية كيميائية جاهزة، إضافة إلى دور وسائل الأعلام المسموعة و المرئية و المقروءة التي لعبت دورا كبيرا في نشر ثقافة الدواء الجاهز في الصيدليات، خاصة في العصور المعاصرة ، تراجعت ثقافة استعمال الأعشاب كوسيلة للتداوي أمام انتشار أصناف من الأقراص و البرشامات و المراهم و الحقن وغيرها من البدائل الجاهزة من الأدوية .

لكن ، و بفضل الدراسات الكثيرة التي أقيمت حول الأعشاب و التي أشرفت عليها مؤسسات و جامعات ، تم  اكتشاف العديد من الفوائد  من الأعشاب كما وتم اكتشاف قدرة بعضها على شفاء أمراض مختلفة قد تكون مستعصية على بعض الأدوية الكيميائية،ولهذا ظهر فرع الطب البديل الذي يعتمد على الأعشاب و غيرها من الحلول الصحية و الاستشفائية التي استخلص بعضها من ثقافات مجتمعات مختلفة أثبت فعاليتها على مر العصور كالطب الصيني و غيره. كما أن كثيرا من الحالات المرضية المستعصية و التي استوفى فيها الطب كل الإمكانيات و الحلول الطبية الممكنة بالأدوية الصناعية، تعود إلى استعمال الأعشاب كآخر الحلول وفي كثير من الأحيان يؤتي هذا الأمر أكله و يكون سببا في الشفاء.كل هذه الأسباب و غيرها جعلت كثيرا من الشخصيات و الجهات توصي بضرورة العودة إلى التداوي بالأعشاب.

الأعشاب دواء لكل داء:

قد يعتقد البعض أن الرجوع إلى الأعشاب و النباتات الطبيعية ، في علاج الأمراض المزمنة و الأعراض الصحية التي يعاني منها البعض ، ضرب من التخلف .ولكن رغم اعتراض الكثيرين على التداوي بالأعشاب ، إلا أن كل عشبة و نبتة هي في الاقع صيدلية كاملة، بما تحتويه من مواد فعالة ، لكل واحد منها دوره في علاج الأمراض و الوقاية منها أو التخفيف منها .

غير أن ذلك لا يتحقق إلا إذا قنن استعمال الأعشاب و احترمت الكمية الموصى بها ، مع احترام طرق استعمالها و ضرورة تجنب مرضى القلب و ضغط الدم و السكري لبعض الأعشاب ، و تجنب المزج بينها لما قد تسببه من مشاكل صحية قد تؤدي إلى الموت أحيانا.

التداوي بالأعشاب : هل هو داء أم دواء؟

العلاج هو الوسيلة التي يستخدمها أي انسان مريض بأي عارض أو اضطراب أو حتى مرض مزمن أو لمداواة أوجاعه و آلامه. وقد تكون هذه الوسيلة إما علاجا دوائيا أو طبيعيا أو عشبيا.

و يعتبر العودة و بقوة إلى استعمال الأعشاب ، دليلا واضحا على الرجوع إلى الطبيعة، و أيضا على وجود نتائج مرضية بعد اتخاذها كعلاج. إلا أن ذلك قد يسبب بعض أعراض الحساسية التي قد تظهر مع أول استخدام للعشب ، من صعوبة في التنفس ، وفي بعض الأحيان التسمم إذا أخذت بجرعات كبيرة .

تلعب النباتات منذ القدم دورا هاما في الغذاء و الدواء على حد سواء ،وقد استعملها البشر و كذلك الحيوانات حيث شوهد العديد منها و هي تلجأ لأنواع معينة من الأعشاب لتخفيف آلامها . وإن غابت المعالجة بالأعشاب الطبية فترة من الزمن بفضل الأدوية المصاغة اصطناعيا ، فهي تعود اليوم لتحتل المكانة اللائقة بها ، لأن كل نبتة أو عشبة هي في الواقع صيدلية كاملة ، بفضل ما تحتويه من مواد فعالة توزعت عليها بنسب متفاوتة.

كيف تؤثر الأعشاب على الأمراض؟

بلا شك هذا هو السؤال البديهي الذي قد يطرحه أي واحد منا ، خاصة إن كان عنده بعض الشك في مدى قدرة الأعشاب على التداوي و الشفاء، و لكن الدراسات و التجارب أثبتت أن التداوي بالأعشاب له تأثيرات ملموسة على العديد من الأمراض، مثل الربو و الأكزيما و الروماتويد ، و كذا الصداع النصفي (الشقيقة) و أعراض سن اليأس ... و الأعشاب هي أفضل الإجراءات التحضيرية التي تتخذ تحت إشراف المعالجين المدربين ، الذين لهم تكوين خاص و دراية و علم و قدرة على تحليل المرض و معرفة نوعيته و أسبابه و معرفة العشبة المفردة و استخداماتها.

ومما لا شك فيه ينبغي للمعالج بالأعشاب أن تكون لديه الخبرة الكافية لمعرفة الآثار المتعارضة بين الأعشاب و العلاج التقليدي، وكيف يتم له أن يتفادى هذه المؤثرات . ومن أجل تحقيق ذلك لابد للمعالج أن يكون متقنا لكل عشبة على حدة ، عالما بها و بمواصفاتها ، خاصة و أن الكثير ممن يبيعون الأعشاب قد يجهلون طبيعة العشبة ، أو قد تتشابه العشبة مع عشبة أخرى في الشكل ، و لكن تختلفان في الوظائف.

رأي الخبراء في التداوي بالأعشاب:بين مؤيد و معارض

كثير من الأجيال السابقة اعتمدت على الفوائد الطبية للأزهار و النباتات المختلفة ، من أجل علاج الكبير من الأمراض بطرق تقليدية، و لكنها تطورت حاليا لتشمل القضاء على بعض الأمراض المزمنة و الخطيرة ، مثل الاكتئاب و الأرق ، مرورا بالأورام السرطانية . و يقول الخبراء إنه لابد من توفر شروط خاصة في الأعشاب ، كي يستعملها الإنسان و يعتمدها في العلاج مثل :

  • نوع الأعشاب و مكان زراعتها و ريها بمياه مناسبة .

  • يجب أن تكون بعد حصادها خالية من العوالق و الحشرات.

  • أن يتم تخزينها في أماكن مناسبة حتى لا تفقد خصائصها.

هذا و يشترط الخبراء أيضا في من يصف الأعشاب :

  1. أن يكون خبيرا بمكوناتها.

  2. أن يصف الجرعة المناسبة للمريض ، لأن عدم مناسبة الجرعة للمتعاطي ، تسبب آثارا جانبية ضارة.

وذكر الخبراء أنه بعد تحليل بعض الأعشاب المتوفرة في الأسواق ، وجد أنها مخلوطة بمواد كيماوية ضارة بالجسم، و تؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة قد تسبب الوفاة.كما ثبت عند تحليل بعض الأعشاب التي تستخدم كمقويات جنسية ، أنها مخلوطة بحبوب "الفياغرا"و تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

وعن أضرار بعض الأعشاب و مدى خطورتها على صحة الإنسان ، يؤكد الخبراء أن الأعشاب الطبية فوائدها معروفة منذ القدم، لكن الطريقة التي يتم بها تناول الأعشاب خاطئة .فلا بد أن تخضع الأعشاب لأسلوب علمي و دراسات و تحاليل كي تكتمل فائدتها.

البعض الآخر يقول إنه من النادر جدا وجود أضرار للأدوية العشبية، في حال استخدامها حسب وصفة الخبير بها ، إلا أن الأخطاء الدوائية واردة في أنواع الطب كلها ، و نسبة كبيرة منها تحدث في الطب الحديث . فقد اثبتت التحاليل أن هناك خلطات لأدوية عشبية و أخرى طبية حديثة ، تستخدم لتخفيف الوزن تسبب الفشل الكلوي و تلف الكبد و سرطان القولون ، مشيرين إلى أن هذه الوصفات و غيرها من الخلطات التي تروج على أنها صالحة لعلاج أكثر من عشرة أمراض في آن واحد ،الهدف الأول و الأخير من ورائها ربحي بحت.

إلى ذلك يرى الخبراء أن هناك شروطا للاستخدام الآمن للأعشاب ، أما الحصول عليها من مصدر موثوق منه .فهناك العديد من الشركات المتخصصة التي تقوم بزرع هذه الأعشاب في بيئة زراعية ملائمة و آمنة ، و جمعها بطريقة علمية و سليمة ، و غالبا ما تكون معتمدة من وزارة الصحة في بلد المنشأ و مرخصا لها بالعمل في هذا المجال ، مضيفين أن من الشروط المهمة أيضا للتداوي بالأعشاب: 

  1. أن تكون هناك معايير لهذه الأعشاب ،من قبل الشركة المنتجة لتحديد نسبة المادة أو المواد الفعالة بطريقة علمية سليمة ،

  2.           تجنب العشب على شكل جرعات محددة في أكياس أو أقراص مثلا، حتى يتجنب المريض الحصول على جرعات زائدة منه.

إن من الخطأ أن نتصور أن التداوي بالأعشاب آمن تماما ، فهناك أعشاب يسبب استخدامها أضرارا جسيمة للصحة العامة ، مثل استخدام الأعشاب الطبيعية كبديل للأنسولين في حالات السكري ، فقد يترتب عن ذلك ، حدوث مضاعفات حادة للمرضى ، مثل غيبوبة السكر  ، و يلجأ البعض أيضا إلى استخدام هذه المواد المجهولة مع الجروح ، مما تترتب عنه آثار بالغة الخطورة . لذلك يجب التعامل مع وسائل الاعلام التي تروج لمثل هذه الأشياء بكل حزم ، و أن تفرض عليها رقابة مشددة لخطورة الأشياء التي تروجها على الصحة العامة.

 

         تعليمات و توصيات في التعامل مع الأعشاب:

 الكمية المسموحة ..المحظورات و طرق الاستعمال الصحيحة

 الاضطرابات و المشاكل التي تأتي من الأعشاب تكون دائما من :

  • استعمال جرعات كبيرة منها.

  • استعمال العشب لفترة طويلة من الزمن.

لذلك، و قبل استخدام أي عشب لا بد من توخي الحذر من خلال :

  • الاكتفاء بكميات صغيرة جدا منها.

  • تجنب مزج العديد من الأعشاب.

  • استعمالها على فترات متباعدة. خصوصا لدى المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة كالسكري و ارتفاع الضغط و غيرها...

الأخطار المحتملة عند استعمال الأعشاب:

     الغش: هذه من أكبر المعضلات "الأخلاقية" التي يمكن أن يتعرض لها الشخص المستعمل للأعشاب خاصة عندما يتم شراءها من مصادر غير موثوق فيها .حيث أن أساليب الغش تختلف و تتعدد فيمكن أن تشمل:

  1. خلط الأعشاب الطبية بأعشاب أخرى عديمة الفائدة أو غيرها.

  2. أن تكون الأعشاب مجهولة التركيب: فغالبا ما تباع الأعشاب على أنها مثلا "علاج للقولون العصبي" أو " لمرض الإكزيما " و غيرها ، و ذلك بدون ذكر المعلومات الخاصة بمحتوى و نوعية تلك الأعشاب ، بحيث يستحيل التأكد من مدى فاعليتها أو جدوى استعمالها، بحيث يتم تضليل المستعمل و استمالته نحو استعمال المنتوج عن طريق استعمال معلومات رنانة و جذابة من قبيل " مصنوع من 12 عشبة فعالة جدا ضد الاكزيما" أو "مصنوع من خلطة سرية من الشرق الأقصى " أو " مستخلص من أعشاب الطب الصيني" وغيرها ... من العبارات الغامضة.

  3. صعوبة تحليل محتوى المادة الفعالة ، حيث أن وجود الأعشاب بصورتها الخام ، يجعل من الصعب معرفة مدى تركيز المادة الفعالة فيها، كما تكثر معها المواد الأخرى التي قد تتداخل في التأثير المطلوب.

تفاعل الأعشاب مع أدوية أخرى: فالأعشاب الطبية باعتبارها أدوية قد تتفاعل مع بعض الأدوية الأخرى التي تستعملها في نفس الوقت، مما قد يشكل في بعض الحالات خطورة على المستعمل، خاصة عندما لا يخبر المرء الطبيب عن استخدامه للأعشاب.

كيف أتصرف حين أقرر استعمال الأعشاب الطبية؟

  1. أخبر طبيبي بجميع الأعشاب التي أستخدمها و أتأكد من موافقته.

  2. أستشير و أسأل الصيدلاني عن إمكانية وجود تفاعلات بينها و بين الأدوية التي أستعملها في نفس الوقت.

  3. أشتري الأعشاب الطبية من مصادر موثوقة فقط ، و تكون حاصلة على التصاريح الصحية اللازمة لضمان الجودة و المحتوى.

  4. أحرص على السؤال عن الكمية المفروض علي استعمالها عند كل استعمال ، و الفترة الزمنية التي علي الاستمرار في تعاطيها و لا أزيد على الجرعة المقررة.

حقائق عن الأعشاب لابد من أن تعلمها:

  • إن الأثر العلاجي للأعشاب لا يحدث بشكل فوري فلا بد من إعطاء وقت لها حتى تؤتي أكلها.

  • إن استشارة الطبيب المتخصص أمر شديد الأهمية ولابد منه، فليس كل وصفة عشبية وصفة شافية.

  • إن بعض الأمراض يمكن شفاؤها بعشبة واحدة ، في حين أن البعض الآخر يستلزم عددا كبيرا من الأعشاب و النباتات الطبية.

  • إن مفعول مزيج الأعشاب يتوقف على مهارة من يقوم بإعداده، و على حالة المريض.

اعتقادات خاطئة في التعامل مع الأعشاب:

الحامل و الأعشاب:

ليست كل أنواع الأعشاب مفيدة للنساء الحوامل و المرضعات، و لكن توجد أنواع كثيرة منها تساعد على إرخاء عضلات الرحم ، أو تساعد على زيادة إدرار البول . لذلك فقبل تناول أي نوع من الأعشاب يجب استشارة الطبيب المختص أو اختصاصية التغذية ، و ذلك لمعرفة ما إذا كان ذلك النوع من الأعشاب يضر بصحة الحامل أو المرضع ، إضافة إلى معرفة الكمية المسموح بها ، إذا كانت العشبة لا تشكل أي خطر على صحة الأم أو جنينها و كذا على صحة المرضع.

المسنون و الأعشاب:

مع التقدم في العمر ، يعد زيادة كمية الأعشاب و شرابها من الأخطاء الشائعة جدا ، خاصة مع تعدد أنواع الأمراض التي يعاني منها الشخص المسن سواء كانت مزمنة أو آنية ،و ارتفاع تكاليف علاجها بالأدوية الصناعية . لذلك يلجأ كثير من المسنين إلى استعمال الأعشاب بشكل ارتجالي في أحيان كثيرة دون احترام المقادير و عدد الجرعات المناسبة له و كذلك دون الاستعانة بمختص في مجال طب الأعشاب مما يشكل خطرا مضاعفا عليه .أما الصحيح فهو أنه مع تقدم العمر ، يصبح الشخص أكثر حساسية من نوع الطعام أو الدواء أو الأعشاب التي يتناولها.

لذلك يجب تخفيف كمية الأعشاب المسموح بها يوميا ، لتفادي الإصابة بأعراض جانبية و مشاكل صحية.

الأعراض الجانبية للأعشاب:

بعض أنواع الأعشاب تسبب أعراضا جانبية نذكر منها:

  • آلام معوية.

  • إسهال.

  • آلام الرأس.

  • حساسية جلدية.

  • تسمم.

  • ...الخ

 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

أكتب تعليقك أو رأيك

الاسمبريد إلكترونيرسالة